"متحف البراءة" الرواية الأولي التي يصدرها الروائي التركي المبدع أورهان باموك, منذ فوزه بجائزة نوبل للأدب عام2006, وهو كاتب رسخ شهرته الأدبية بنشره روايات عدة منها "الثلج", و"القلعة البيضاء", و"اسمي هو الأحمر".
شخصيات الرواية وفق ما كتب محمد عيسي الشرقاوي بصحيفة "الأهرام" المصرية يتجاذبها ويثير توترها التأرجح بين الأصالة والهوية التركية وبين الحداثة والتغريب, أي محاولة تركيا تقليد الغرب والانتساب لحضارته, منذ شق الزعيم التركي كمال أتاتورك عصا الطاعة علي الخلافة الإسلامية, ومزق عباءتها عقب هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولي، وعندئذ أفصح أتاتورك عن رغبته العارمة في تغيير المسار التاريخي والحضاري لتركيا.
ولئن كان كمال أتاتورك حاسما وصارما في التوجه نحو الغرب, وقطع عري علاقات تركيا التاريخية والحضارية بالشرق, إلا أن كمال بطل رواية "متحف البراءة" لم يحسم خياره، فقد كان مسئولا عن إدارة ثروة عائلته وعندما بلغ الثلاثين من عمره, نمت بينه وبين إحدي قريباته علاقة عاطفية، وكان اسمها موسون, وتتطلع لأن تصبح ممثلة.
غير أن مشاعر كمال سرعان ما اعتراها الفتور عندما وقع في هوى فتاة تركية تلقت تعليمها في باريس, فقد كان أبوها قنصلا لبلاده في فرنسا، وحاول كمال اقناعها بقطع علاقتها مع مخرج سينمائي, حتي يمكنه الارتباط بها.
وتجري أحداث الرواية علي خلفية سنوات العنف السياسي الدموي, الذي شهدته تركيا في خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين, وهو عنف كانت تؤجج نبراته الصراعات الجامحة بين قوي اليمين واليسار.
وفي غضون التأرجح العاطفي لكمال, راقت له فكرة إقامة متحف للبراءة يجمع فيه أشياء وتذكرات فتاته الأولى موسون، ومن هنا يأتي اسم الرواية, لكن الطريف أن فكرة كمال راقت أيضا للروائي, ولذلك انخرط أورهان باموك في تأسيس متحفه الخاص بالبراءة، ومن المنتظر أن يفتتحه في العام المقبل في الحي القديم من اسطنبول.
باموك وصف الرواية - كما كتب سمير صالحة بصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية - بأنها أجمل لحظات حياته لأنها تروي حكاية إعجاب وصداقة وحب بين كمال الذي تلقى تعليمه في أكبر وأهم مدارس وجامعات المدينة - فهو وحيد الأسرة الغنية التي تعيش في أرقى أحياء اسطنبول- وبين فوسون ابنة أحد الأقارب الفقراء التي عاشت وتربت وسط بيئة متواضعة تمنحها الدفء والسعادة والطموح لتكون ممثلة محترفة.
من أجل هذه الرواية زار باموك عشرات المتاحف العالمية، ليقرر بعدها أن يربط الخيال بالواقع متحف خاص يجمع فيه كل ما "سرقه" أو حصل عليه بالمجان ولامسته يد الحبيبة، ويقول أن همه الآن هو بناء هذا المتحف، فقد اشترى قبل سنوات قطعة الأرض المجاورة لمكان سكنه من أجل تحقيق حلمه هذا بعدما تسلم أخيراً الخرائط والتصاميم النهائية للبناء متمنيا أن ينجز كل ذلك خلال سنتين أو ثلاث.