شنت شركة «غوغل» العملاقة حملة مؤخرا للدفاع عن مشروعها الضخم بتكوين أكبر مكتبة رقمية في العالم الذي تصبح «غوغل» بموجبه أمين مكتبة العالم. وتمضي الشركة حاليا في تصوير ومسح الملايين من الكتب كما تقوم بإعداد فهرسة للتراث الأدبي العالمي. وقد نجحت «غوغل» حتى الآن في تصوير أكثر من 10 ملايين كتاب بأكثر من 100 لغة وبصدد تصوير ومسح مليون كتاب من مكتبات حول العالم.
ولكن المشروع الضخم تعرض لحملة من الاعتراضات ويواجهه العقبات خصوصا في أوروبا التي لا تزال تدرس المشروع. وتؤكد «غوغل» أن مشروعها سيفتح الأبواب على كنوز أدبية خارج الطبع وأنها ستمكن مستخدميها من تصفح كل تلك الكتب.
وفي ظل الاعتراضات تحاول الشركة العملاقة الوصول إلى صيغ لإرضاء جميع الأطراف التي قد تتضرر من إعطاء الصلاحية المطلقة لـ«غوغل» في عرض وبيع الكتب، فهناك تخوف من قِبل الكُتّاب حول حقوقهم الأدبية كما تتخوف دور النشر من المشروع. وتحاول «غوغل» إرضاء كل تلك الأطراف عبر إطلاق «هيئة حقوق الكتب» في أميركا التي تخصص عائدا للمؤلفين ودور الكتب. وقد وُصفت تلك التسوية التي أقرتها محكمة أميركية بأنها أكبر رخصة في مجال حقوق النشر على الإطلاق. وحسب الاتفاقية فإن الكتاب ودور النشر يستطيعون تسجيل كتبهم والحصول على تعويضات من عوائد بيع الكتب الرقمية أو من اشتراكات المؤسسات الكبرى في خدمة «غوغل» للكتب.
وأعلنت «غوغل» أنها بصدد مسح 32 مليون كتاب سواء من المطبوعة أو تلك التي نفدت من الأسواق وقامت بالفعل بعقد اتفاقيات مع دور نشر لتحويل كتبهم الورقية إلى رقمية. وقال سانتياغو دو لا مورا رئيس قسم المطبوعات المشتركة لأوروبا في «غوغل» لصحيفة التايمز اللندنية إن مشروع التسوية الذي أطلقته «غوغل» للحصول على موافقة المؤلفين ودور النشر يُعتبر ناجحا لكل الأطراف فهو «يعيد الكتب إلى الحياة ويخلق سوقا جديدة لكتب ظلت لأعوام طويلة على الأرفف ومن وجهة نظر المؤلف فإن الصفقة هي فرصة هائلة يستطيع من خلالها المؤلف الوصول إلى جمهوره مرة أخرى. ومن جهة القارئ فالصفقة تُعتبر فرصة لا تثمَّن للعثور على ملايين الكتب وقراءتها على الإنترنت». ولا يتوقف القائمون على المشروع عن محاولة الحصول على أكبر تأييد ممكن حتى يتصدوا للاعتراضات والمخاوف، فعقدت اجتماعات متعددة في أميركا للحصول على الدعم ولكن في أوروبا لا يزال على المسؤولين في «غوغل» العمل بشكل أكبر للحصول على الدعم والموافقة، إذ أن قوانين الملكية الفكرية في أوروبا تختلف عن تلك المعمول بها في أميركا.
ويقول المعترضون على المشروع بأنه سيمنح «غوغل» قدرة لا نهائية على تحديد أسعار الكتب كما يمنح سلطة ضخمة على التراث الأدبي العالمي لمؤسسة تجارية، ويضيف المعترضون أيضا أن «غوغل» ستحقق أموالا طائلة من وراء بيع كتب لا يوجد من يطالب بحقوق نشرها.
ومن جانبها ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الشركة أكدت أمس أنها ستضع قيودا على الكتب غير المتاحة للطبع والتي نفدت من الأسواق لتهدئة الناشرين والمؤلفين وحاملي حقوق الطباعة الأوروبيين الآخرين المعترضين على ببيع «غوغل» كتب رقمية على الإنترنت.
وذكرت الصحيفة أن ممثلي جمعيات الناشرين وحاملي حقوق الطبع قد اجتمعوا في جلسة رعتها المفوضية الأوروبية وأعربوا عن اعتراضهم ضد التسوية التي أقرتها المحكمة الأميركية.
وقد تعرض الاقتراح أيضا لانتقادات عدد من الناشرين والمؤلفين وحاملي حقوق الطبع الأميركيين. وتحاول «غوغل» تهدئة المعارضين الأوروبيين بتوضيح أن النسخة الرقمية من الكتاب غير متاحة للطبع في الولايات المتحدة، ولكنها ما زالت متاحة تجاريا في أوروبا، ولن تباع على الإنترنت دون موافقة صريحة من صاحب حق الطبع الأوروبي.
وذكرت صحيفة التايمز في تقريرها أمس أن «غوغل» وجهت رسالة إلى الناشرين قائلة إنها قدمت للناشرين الأوروبيين تمثيلا في مجلس الإدارة للإشراف على «سجل حقوق الكتب»، الذي سيوزع مقابل الحقوق من مبيعات الكتب الإلكترونية وفقا للخطة المقترحة في التسوية.
وأوردت الشركة في بيان لها: «كما قلنا، نحن نستمع في حرص إلى جميع مخاوف حاملي الأسهم في جميع أنحاء العالم ونعمل جاهدين من أجل تحقيق الهدف المشترك بإعادة ملايين من الكتب المفقودة إلى الحياة بالطريقة التي تخدم مصالح الجميع».
وقد حددت المحكمة الأميركية يوم الثلاثاء كموعد نهائي لتقديم الطلبات بشأن التسوية وستعقد جلسة في ذلك الشأن يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).
وقال ديفيد وود، المحامي الذي يمثل شركة «Icomp»، اختصارا لمبادرة سوق الإنترنت التنافسية، وهي مجموعة أوروبية تدعمها «مايكروسوفت» تعارض التسوية المقترحة، إن التنازلات تشير إلى إمكانية تلبية المصالح الأوروبية، ولكن ما زال هناك الكثير الذي يجب فعله لتهدئة المخاوف الحالية.
وقال وود: «تنتشر مخاوف من أن التسوية ستؤدي إلى الاحتكار في الوصول الرقمي إلى الكتب على الإنترنت ومبيعات الكتب في أوروبا وفي مناطق أخرى من العالم، بالإضافة إلى تأثير ذلك على أسواق أخرى، مثل البحث والإعلانات على محركات البحث».
ومن جانبها، قالت جيسيكا سانغر المستشارة القانونية في جمعية الناشرين وبائعي الكتب الألمان لصحيفة «التايمز» إن التسوية تتحيز بشدة ضد الناشرين الأوروبيين الذين لم يشتركوا في صياغتها. وأضافت أنها لا تعارض مشروع تحويل الكتب إلى كتب رقمية، ولكن توجد حاجة إلى مزيد من الوقت لاقتراح حل مناسب لأوروبا، التي يجري فيها حاليا الإعداد لمشروعات تحويل رقمي. وتؤيد المفوضية الأوروبية مشاريع التحويل الرقمي الناشئة لديها، ومن بينها قاعدة بيانات «يوروبينا» للثقافة والكتب على الإنترنت.