تواجه العاصمة بغداد حالة متفاقمة من الاكتظاظات والاختناقات المرورية التي يصعب معالجتها ما لم تتكافل جهود العديد من الوزارات والادارات الحكومية لهذه المهمة.ويفترض ان تتضمن معالجة هذه الظاهرة اعتماد التدابيير والاجراءات ذات الطبيعة الجذرية والملزمة بما يؤمن تطبيق القوانين والانظمة والتعليمات التي من شأنها تخفيف الازمة ان لم يكن معالجة الظواهر السلبية الاستثنائية السائدة منذ نيسان عام 2003 وحتى الان وتعود ازمة الشارع البغدادي لاسباب وعوامل كثيرة من بينها التطبيقات المتعلقة بخطة امن بغداد خاصة بعد التفجيرات الأخيرة لاسيما الانتشار الواسع لنقاط التفتيش الثابتة في الشوارع الرئيسة المحدودة اصلاً وتفرعاتها ، والاغلاقات الدائمية او الفجائية لهذه الشوارع دون مبررات ذات اهمية تذكر كما ترجع اسباب تلك الازمة الى لجوء معظم الدوائر الحكومية والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وحتى مواطنين عاديين الى استخدام الكتل الكونكريتية والاسلاك الشائكة لتطويق وحماية الابنية التي يشغلونها ، ما يتسبب باعاقة المرور بصورة عامة . وما يزيد الطين بلة تعرض الشوارع للسير المعاكس غير النظامي للمواكب الرسمية والحزبية ومواكب اعضاء مجلس النواب والارتال العسكرية التي لا تعد ولا تحصى ، خاصة في اوقات ذروة الاكتظاظات والاختناقات المرورية وكذلك اتساع نطاق اعمال صيانة الشوارع وتبليطها على مدى زمني طويل قد يستمر لسنوات وتبتلي شوارع بغداد حاليا بممارسات و سلوكيات مؤدية لازمات المرور المتواصلة المرهقة لكاهل المواطن والمصادرة لوقته والمعرقلة لانجاز اعماله ومهماته اليومية . وازاء هذا الواقع كان من المفترض ، حسب رأي خبراء ، ان يصار الى البحث الجدي عن حلول ومعالجات تتوافق مع متطلبات فرض القوانين والانظمة وليس العكس بأن تتحول تطبيقات خطة أمن بغداد لواحدة من العوامل المسببة لنشوء وتفاقم الظروف الاستثنائية في شوارع العاصمة بما يخالف حتى المقتضيات الامنية لان الاكتظاظات والاختناقات تسهم في ارباك اوضاع الشوارع كما ينبغي التأكيد على أن ازمة الشارع البغدادي لا تتعلق بدائرة المرور لوحدها ، وانما ترتبط بضرورة عودة تطبيق القوانين والانظمة والتعليمات وتخطي الظروف الاستثنائية الناجمة عن الاختلالات الامنية او غيرها من العوامل . وهذا الامر يدعو الى تشكيل لجنة على مستوى رفيع تضم وزراء الدفاع والداخلية والنقل والبلديات والكهرباء ومسؤول خطة امن بغداد ومدير المرور العام ومحافظ وامين بغداد وعددا من مسؤولي الادارات الحكومية الاخرى حسب مقتضيات الحاجة ، فضلاً عن الخبراء والمتخصصين ، بهدف دراسة اوضاع شوارع العاصمة وتحديد سبل معالجة ازمتها المتفاقمة بتدابير ملزمة لا تقبل المماطلة والتأجيل. وصرح اكثر من مسؤول عن رفع الحواجز الكونكريتية من شوارع بغداد والعراقيين في فصل الصيف يتصببون عرقا وبردا في الشتاء امام نقاط التفتيش وهي معززة بحواجز كونكريتية وقد علق العراقيين على هذه التصريحات مستعينين بمثل مصري مشهور " اسمع كلامك اصدقك .. اشوف امورك استعجب " وهذه النقاط والحواجز جعلت شارع باربعة ممرات الى ممر واحد فقط تاركا عشرات السيارات تنتظر دورها للمرور مثل (ناكوط الحب) حسب المثل البغدادي . وهذه بحد ذاتها هم اضافي لمعاناة المواطن العراقي جراء الازدحام المروري الذي يضرب بغداد ، كما تصهر شمسها اللاهبة اجساد المواطنين الذين يضطرون للخروج من بيوتهم ليلاقوا معاناة اشد وطأة عليهم من انقطاع الكهرباء المزمن وهذه نقاط التفتيش لم نسمع يوما انها اوقفت سيارة مفخخة فهي تعرقل اعمال الناس ، وتتسبب بمتاعب ومنغصات يومية لا حصر لها ناهيك ان منتسبي هذه السيطرات يتحدثون ويقهقهون مع بعض اصحاب السيارات ، تاركين الاخرين ينصهرون بحرارة الشمس في عز الظهر وبردا في الشتاء ، وكل ذلك يدفعه المواطن من وقته وصحته والمشكلة الرئيسة تكمن في الحواجز الكونكريتية التي تملأ الطرق وهي من تحدث الفوضى والازدحامات وهناك حكايات مريرة يرويها عشرات الاشخاص يوميا عن رحلة التعب والمعاناة التي يواجهونها منذ اكثر من 6 سنوات ، عند مداخل الجسور والشوارع وتقاطعات الطرق ، وهي حقا تستحق اجراءات سريعة من المعنيين بهذا الامر ولا نعرف متى يعد نظام مروري متكامل لمدينة بغداد وتسهيل انسيابية الحركة فيه اسوة بدول العالم الاخرى .