منتديات الحب LOVE
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر في منتديات الحب
منتديات الحب LOVE
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر في منتديات الحب
منتديات الحب LOVE
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الحب LOVE

التميز هو عنواننا والإبداع هو هدفنا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
الى الاعضاء كافة .... سيتم حذف المنتدىخلال اسبوع  ... شاكرين تعاونكم معنا ... الادارة

 

 ساعة الموت والاحتضار

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ياسر السامرائي
مؤسس المنتدى
مؤسس المنتدى
ياسر السامرائي


القوس ألمشاركات : 1291
السٌّمعَة : 47
تاريخ التسجيل : 18/09/2009
الموقع : منتدى الحب
الجنس : ذكر

ساعة الموت والاحتضار Empty
مُساهمةموضوع: ساعة الموت والاحتضار   ساعة الموت والاحتضار I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 25, 2009 1:04 am

ساعة الموت والاحتضار

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداًَ عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أيها الإخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ومن واجب أهل الفضل علينا أن نشكر لهم فضلهم, ومن واجب أهل الإحسان أن نشكر لهم إحسانهم, فنشكر مدير هذه الثانوية بالغ الشكر, ونشكر الأساتذة الكرام، ونشكركم أيضاً لحسن استماعكم، ولتواضعكم أن تسمعوا هذه الكلمات, نسأل الله أن ينفع بها، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.

أما بعد:

فهذه الكلمة تدور حول الموت، وحين أخبرت بهذا الموضوع تذكرت أبياتاً في الموت للشاب العالم الزاهد حافظ الحكمي إذ يقول رحمه الله:

والموت فاذكره وما وراءه فما لأحد منه براءة


وإنه للفيصل الذي به ينكشف الحال فلا يشتبه


والقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران


إن يك خيراً فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده


وإن يكن شراً فما بعد أشد ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صد


تالله لو علمت ما وراءكا لما ضحكت ولأكثرت البكا


ومن هذه الذكرى يمر الإنسان في قافلة الموت, ويتذكر هذا المصير المحتوم, وهذه الساعة المقضية من الله على ابن آدم, ساعة الموت التي يذل فيها الجبار, ويذعن فيها العاصي, ويعود فيها المتمرد, ويتوب فيها المذنب.

ساعة الموت الأليمة التي يمر بها الملك والمملوك, والرئيس والمرءوس, والغني والفقير, وكان من الجميل بنا أن نذكر بعض قصص المحتضرين، وأخبارهم وأنبائهم؛ علّنا أن نتذكر هذا المصرع الذي لن يفوتنا أبداً, وسوف نمر به ولو طالت أعمارنا, ولو تمتعنا بالشباب والصحة, ولو زهت لنا السيارات والعمارات، ولو سكنّا في الشقق الفاخرة, ولو لبسنا الملابس الجميلة, ولو تمتعنا بالمطاعم, وجلسنا على الموائد, وتزاورنا وضحكنا كثيراً, فإنها سوف تمر بنا هذه الساعة التي تنسي ما قبلها, والتي يتذكر فيها الإنسان حسابه مع الله, ماذا فعل؟! وماذا قدم؟! وماذا عمل في تلك الساعات التي أفناها في القيل والقال, وفي اللهو واللعب, وفي الجلوس -الذي لا طائل من ورائه- في مرافقة أقران السوء, وأصحاب الانحراف الذين ما زادوه إلا ضلالاً وإعراضاً عن الله.

تلك الساعة لا بد أن نحسب لها حسابها من الآن, ولا بد أن نقف معها وقفة طويلة جداً؛ لنتذكر بماذا سنلقى الله سبحانه وتعالى وبماذا سوف نرد على الملكين؟ وماذا سنقول إذا طُرحنا في تلك الحفرة التي تعرفونها؟

ففي تلك الحفرة يتجرد الإنسان من كل شيء إلا من الأعمال الصالحة؛ يتجرد من المنصب فيدخل في قبره بلا منصب, يدخل بلا: يا صاحب الفخامة! ولا يا صاحب المعالي! ولا يا صاحب السماحة! وإنما يُدخل جثمانه في قطع بيضاء ويوسد في هذه الحفرة, ويتولى عنه الناس, ويدخل بلا سيارة وبلا إخوان وبلا خلان, وبلا زوجة, وبلا صاحب, وبلا قرين.

حقيقة الموت والاستعداد له

لذلك وجب علينا أن نعود إلى السلف لندرس حقيقة الموت وفلسفته مع السلف الصالح , كيف استعدوا للموت وكيف عاشوا مع الموت؟


عمرو بن العاص حال الموت



روى مسلم في صحيحه أن عمرو بن العاص رضي الله عنه, حضرته الوفاة في مصر , وكان والي مصر ، وهو فاتح مصر , ومعلم أهل مصر .

عمرو بن العاص أرطبون العرب وداهية الإسلام عمرو بن العاص الذي دوخ ملوك الكفر والكفار وقاتلهم حتى دخلوا في هذا الدين, حضرته الوفاة فإذا هو متجرد من دهائه وذكائه, ذهب الذكاء والدهاء, وإذا هو متجرد من منصبه وأمواله وأولاده, ذهب المنصب والمال والأولاد, وإذا هو متجرد من كل شيء إلا من العمل.

وكان معه أناس من وزرائه وأولاده وأصحابه, فحول وجهه إلى الحائط وبكى بكاءً طويلاً, فجاء ابنه عبد الله -الزاهد العابد عبد الله بن عمرو - فقال: يا أبتاه! مالك تبكي؟ -وأراد أن يحسن ظنه بالله عز وجل- يا أبتاه! أما صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أما ولاك غزوة ذات السلاسل؟ أما مدحك؟ أما صحبت أبا بكر وعمر ؟ أما فتحت مصر , أما جاهدت أما فعلت؟ قال: فلما طال كلام عبد الله ابنه, وطال بكاء عمرو ؛ التفت عمرو إلى الناس, فقال: أيها الناس! إني عشت حياتي على طباق ثلاث- يتكلم عن سجل حياته, يعيد لهم التاريخ مرة ثانية, من يوم ولد إلى هذه الساعة- كنت في الجاهلية لا أعرف الإسلام, وكان أبغض الناس إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم, والله لو تمكنت منه لقتلته غيلة, ولو مت على تلك الحالة لكنت من أهل النار, ثم رزقني الله الإسلام فهاجرت من مكة إلى المدينة , فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مسجده فلما رآني؛ هش وبش في وجهي، بأبي هو وأمي, واستقبلني وقال: أهلاً يا عمرو ! قال: فصحبته وأحسنت صحبته, والله ما كنت أملأ نظري منه صلى الله عليه وسلم حياءً منه, والله لو سألتموني الآن أن أصفه لكم -أي: الرسول صلى الله عليه وسلم- لما استطعت, فيا ليتني مت على تلك الحالة! ولو مت على تلك الحالة لرجوت أن أكون من أهل الجنة, ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها وإن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, ثم قبض يده هكذا على لا إله إلا الله, قال ابنه عبد الله : فأتينا لنغسله فأردنا فتح أصابعه فما استطعنا فتحها, وبقيت مضمومة, فأدخلناه كفنه وأصابعه مضمومة, وأدخلناه في قبره وأصابعه مضمومة رضي الله عنه وأرضاه.

فالعدة كل العدة أن تستعد لهذا المصرع, والحزم كل الحزم أن تحفظ وقتك وأن تستعد بعمل صالح لهذا المصرع, والزكاة كل الزكاة أن تحفظ هذه السويعات التي تمر بك مرَّ الرياح والبرق الخاطف، أن تستغلها بما يقربك من الله.

الله الله! لا يغتر الإنسان بشبابه, ولا بفراغه ولا بصحته, فإن الله سبحانه وتعالى إذا أخذ أخذَ أخْذ عزيز مقتدر, وأنتم رأيتموهم ورأيناهم، شباب مترفون أقوياء منعمون, أهل أموال خرجوا من بيوت أهلهم وما ودعوا أمهاتهم ولا آباءهم, وعادوا أمواتاً, عادوا جثثاً هامدة؛ حتى ما استطاعوا أن يقولوا: السلام عليكم أيها الأهل والجيران وإلى لقاء, ما استطاعوا أن يقولوا: وداعاً, عادوا منتهين من هذه الحياة!

فالله الله لا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور!

أعدوا ما استطعتم من العمل الصالح, وهذه الدقائق تقول لك: إن الموت قريب:

دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان


حال سفيان الثوري مع الموت



كان سفيان الثوري رحمه الله تعالى إذا جلس مع الناس؛ يجلس قليلاً وهو يسبح ثم ينتفض ويقف, فيقولون له: ما لك يا أبا سعيد ؟ قال: والله ذكرت الموت. إذا أردتم ترجمة سفيان فعليكم بحلية الأولياء , اقرءوا كيف كانوا يتذكرون الموت ويعدون للموت, كان أحدهم يتذكر الموت وهو في مجلس التحديث ويقطع الفتوى, فيقطع الموعظة ويبكي حتى يقولون: كأنه يصرع من البكاء, ثم يقول بأبيات الصلتان السعدي :

أشاب الصغير وأفنى الكبير كر الغداة ومر العشي


إذا ليلة هرّمت يومها أتى بعد ذلك يوم فتي


نروح ونغدو لحاجاتنا وحاجة من عاش لا تنقضي


تموت مع المرء حاجاته وتبقى له حاجة ما بقي


يسألونه ويقولون له: يا أبا سعيد ! ما حكم كذا وكذا؟ فيقول: والله ما أدري ما تقول أيها السائل! يقول: كيف لا تدري وأنا أتكلم بالعربية؟ قال: والله لقد أنساني الموت كل شيء, ولذلك يقول الذهبي : كان سبب موت سفيان الثوري أن ذكر الموت فتت كبده, حتى عرض ماؤه على طبيب فقال: هذا الرجل لا يعيش أكثر من ثلاثة أيام, هذا الرجل لا يتمتع بالحياة أكثر من ثلاث ليال, هذا رجل فتت ذكر الموت كبده, قرأ سورة التكاثر في العشاء, فبقى يرددها ويبكي حتى الصباح, وكان يبكي أهله وجيرانه من بكائه رضي الله عنه وأرضاه؛ لأنه علم علم اليقين, يقول الله سبحانه وتعالى: كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ [التكاثر:5] لأن علمنا بالآخرة علم ظن لا علم يقين, ندري أننا سوف نموت, وندفن الأجداد والآباء، والأمهات والإخوان، لكن هذا علم ظني نظري لم يتعمق في قلوبنا, وإلا لو تعمق في قلوبنا؛ لكنا أقبلنا على الله, واتجهنا إلى الله, وأتينا إليه بهمة وعزيمة, وحفظنا أوقاتنا مع الله, لكن نحن نعرف أننا مسلمون وأننا سوف نموت, ويقولون: هذه حياة والله غفور رحيم!! وهذه كلمات جوفاء.


الاستعداد للموت

أما العنصر السادس فهو الاستعداد للموت، وهو تاج هذه المحاضرة، وهو مقصودها وزبدها.

بماذا نستعد؟ وما هو زادنا؟ زادنا قليل إي والله، وعمرنا قصير، وسفرنا طويل، فما هو الاستعداد؟

يقول سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [الحشر:18]. والغد هو يوم القيامة، ولما كان قريباً قال: (لغد) أي: بعد هذه الليلة فصباح هذه الليلة هو غد، فما قال: يوم العرض الأكبر ولا الآخرة، بل قال: غد، وقال سبحانه: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [البقرة:281]. اتقوا ذاك اليوم، واعملوا لذاك اليوم، واستعدوا لذاك اليوم.

قال سعد رضي الله عنه وأرضاه كما في سيرته بسند صحيح، وهو سعد بن أبي وقاص الذي فتح بلاد فارس وصاحب الانتصار بإذن الله في القادسية ، بكت ابنته وهو في سكرات الموت، فقال: [[يا بنية! ابكي أو لا تبكي، والله إني من أهل الجنة ]]. قال الذهبي : صدقت هنيئاً لك؛ لأنه شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من أهل الجنة، وهو من الذين استعدوا للجنة، لماذا يدخل الجنة؟ ألأنه خَال الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لا. عمه أبو طالب في النار، وعمه أبو لهب في النار، وبلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي في الجنة، لماذا؟ لأنهم عرفوا الطريق وعرفوا تقوى الله.

وأما الأعمش سليمان بن مهران -أحد رواة الصحيحين - فإنه لما حضرته الوفاة قال لأبنائه: لا تبكوا عليَّ فوالله ما فاتتني تكبيرة الإحرام مع الجماعة ستين سنة.

فهذه مؤهلات الجنة، هل أحد منا عنده عمل في قلبه؟ هل أحد منا معه رصيد لذاك اليوم؟

يا أيها الإخوة: هل أحد منا استعد برصيدٍ إلى الله الواحد الأحد؟ هل تهيأ بالزحف والانتقال من هذه الدار بزاد؟

سعيد بن المسيب يقول لأبنائه: ما أذن المؤذن منذ أربعين سنة إلا وأنا في مسجده عليه الصلاة والسلام.

نزلوا بـمكة في قبائل نوفلٍ ونزلت في البطحاء أبعد منزل


ماذا نقول إذا لقينا الله غداً؟ ما هي حجتنا عند المولى سبحانه وتعالى؟ إنها والله أمور ينبغي أن نقف عندها، وينبغي أن نتنبه جميعاً كل التنبه.

ثابت بن عامر بن عبد الله بن الزبير كان كلما صلى الفجر رفع يديه وقال: اللهم إني أسألك الميتة الحسنة، قالوا: ما هي الميتة الحسنة؟ قال: أن يتوفاني ربي وأنا ساجد، فلبى له الله ما سأل، فأتته سكرات الموت وهو في السجود: فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ [محمد:21].. وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69]. صدق مع الله، وتوجه إلى الله، وثبات على لا إله إلا الله.

إذاً: كيف نستعد؟

إن المؤهلات والشهادات بلا عمل صالح أثبتت إخفاقها في الساحة، وأثبتت فشلها وانهزاميتها، المناصب بلا إيمان لا تساوي شيئاً.

يقول أحد الأدباء من المفكرين: قلب بلا إيمان كتلة لحم، وعين بلا إيمان مقلة عمياء، ويد بلا إيمان إشارة خاطئة، وكتاب بلا إيمان كلام مصفف، وقصيدة بلا إيمان كلام ملفف، ومجتمع بلا إيمان قطيع من الضأن.

بل نسب لـابن تيمية وهذا صحيح عنه أنه قال: كل أرض لا تشرق عليها شمس الرسالة فهي أرض ملعونة، وكل قلب لا يعرف هذا الدين فهو قلب مغضوب عليه.

وقال في مختصر الفتاوى : من اعتقد أنه سوف يهتدي بهدىً غير هدى الله الذي أرسل به محمداً صلى الله عليه وسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ولا كلاماً، ولا ينظر الله إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ [القمر:1-5].

أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:1-8].

وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً

أول ليلة في القبر

إن ذكر الموت والقبر وما فيهما من الأهوال العظام، والأحوال الجسام، قد أقض مضاجع الصلحاء، وأبكى الأتقياء والعلماء، سيما تذكرهم أول ليلة في القبر وما فيها من الوحشة وتغير الحال، وهول المطلع وخوف سوء المنقلب؛ ولذلك سارعوا بالأعمال الصالحة رجاء حسن المنقلب والعاقبة.

هول القبر ووحشته



الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير.

وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

فارقت موضع مرقدي يوماً ففارقني السكون


القبر أول ليلةٍ بالله قل لي ما يكون


ليلتان اثنتان يجعلهما كل مسلمٍ في مخيلته: ليلة وهو في بيته مع أطفاله وأهله، منعماً سعيداً.. في عيشٍ رغيد، وعافية وصحة، يضاحك أطفاله ويضاحكونه، مع زوجته وأقاربه، والليلة التي تليها مباشرة ليلة أتاه الموت فوضع في القبر لأول مرة يقول الشاعر العربي:

فارقت موضع مرقدي يوماً ففارقني السكون


يقول: انتقلت من مكان إلى مكان، وذهبت من موضع نومي في بيتي إلى بيتٍ آخر؛ فما أتاني النوم، فبالله كيف تكون الليلة الأولى في القبر حين يوضع الإنسان فريداً وحيداً إلا من العمل؟ لا زوجة ولا أطفال ولا أنيس: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [الأنعام:62].

أول ليلة في القبر؛ بكى منها العلماء، وشكا منها الحكماء، ورثى فيها الشعراء، وصنفت فيها المصنفات.

أُتي بأحد الصالحين وهو في سكرات الموت، قد لدغته حية، وكان في سفرٍ فنسي أن يودِّع أمه وأباه، وأطفاله وإخوانه، فقال قصيدةً يلفظها مع أنفاسه، وتعتبر أم المراثي العربية في الشعر العربي، يقول وهو يزحف إلى القبر:

فلله دري يوم أترك طائعاً بني بأعلى الرقمتين وماليا


يقولون لا تبعد وهم يدفنونني وأين مكان البعد إلا مكانيا


يقول: كيف أفارق أطفالي في لحظة؟ لماذا لم أستأذن أبوي؟ أهكذا تختلف الحياة؟ أهكذا أذهب؟ أهكذا أفقد كل ممتلكاتي ومقدراتي في لحظة؟

ويقول عن نفسه: يقول لي أصحابي والذين يتولون دفني: لا تبعد، أي: لا أبعدك الله، وأين مكان البعد إلا هذا المكان؟ وأين الوحشة إلا هذا المنقلب؟ وأين المكان المظلم إلا هذا المكان؟ فهل تصور متصورٌ هذا؟

قال تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99-100] كلا! آلآن تراجع حسابك؟ آلآن تتوب؟! آلآن تنتهي عن المعاصي؟!

يا مدبراً عن المساجد ما عرف الصلاة! يا معرضاً عن القرآن! يا منتهكاً لحدود الله! يا ناشئاً في معاصي الله! يا مقتحماً لأسوارٍ حرمها الله! آلآن تتوب؟ أين أنت قبل ذلك؟......

حزن زوجة الحسن بن الحسن على زوجها



قال مؤرخو الإسلام: مات الحسن بن الحسن من أولاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، وكان عنده زوجةٌ وأطفال، وكان في سن الشباب، والموت لا يستأذن شاباً ولا غنياً، ولا أميراً ولا ملكاً، ولا وزيراً ولا سلطاناً، الموت يقصم الظهور، ويخرج الناس من الدور، وينزلهم من القصور، ويسكنهم القبور بلا استئذان.

مات الحسن بن الحسن مات فجأة، ونقلوه إلى المقبرة، فحزنت عليه امرأته حزناً لا يعلمه إلا الله، وأخذت أطفالها وضربت خيمةً حول القبر -وهذا ليس من عمل الإسلام، ولولا أنَّ مؤرخي الإسلام ذكروه ما ذكرته- وأقسمت بالله لتبكين هي وأطفالها على زوجها سنةً كاملة.. هلعٌ عظيم، وحزنٌ بائس، وبقيت تبكي، فلما انتهت السنة أخذت أطناب الخيمة وحملتها، وأخذت أطفالها في الليل، فسمعت هاتفاً يقول لصاحبه في الليل: هل وجدوا ما فقدوا؟ فردَّ عليه هاتفٌ آخر يقول: لا. بل يئسوا فانقلبوا، ما وجدوا ما فقدوا، ما وجدوا ضيعتهم ولا وديعتهم.

كنز بحلوان عند الله نطلبه خير الودائع من خير المؤدينا


قال: لا. بل يئسوا فانقلبوا، ما كلمهم من في القبر، وما خرج إليهم ولا ليلةٍ واحدة، وما قبَّل أطفاله، وما رأى فتاته، لا. ولذلك هذه هي أول ليلة، ولكن لها ليالٍ أخرى إذا أُحسن العمل، قال الله جلَّ وعلا: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21].

نحن في أبها فقدنا قبل شهرٍ أو ما يقاربه شابين اثنين، من أسرتين من أسر أبها ، وقع عليهم حادث انقلاب وهم سائرون في طاعة الله، فكانت اللوعة، وعزاؤنا في الله أنهما كانا شابين صالحين، مستقيمين على أمر الله، أمَّا أحدهما فكان صاحباً للقرآن والقرآن صاحبه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه } هذا الشاب كان يختم القرآن كل سبعة أيام، وقال والده: كان يقوم الليل، وما أحسن قيام الليل! فلذلك خفَّت المصيبة؛ لأنه قدم على روضة من رياض الجنة إن شاء الله، وزميله الآخر كان مستقيماً على أمر الله، لا يعرف إلا المسجد، والمصحف، والرفقة الصالحة، ولكن: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [الأنعام:62].


أبو العتاهية يعظ هارون الرشيد



أتى أبو العتاهية يقول لسلطان من السلاطين الذين غرتهم قصورهم، وما تذكروا أول ليلةٍ ينزل فيها القبر، ونحن نقول لكل عظيمٍ ومتكبرٍ ومتجبر: أما تذكرت أول ليلة؟

هذا السلطان بنى قصوراً في بغداد ، فدخل عليه الشاعر يهنئه بالقصور، ويقول له: عش ما بدا لك سالماً في ظل شاهقة القصور


يجري عليك بما أردت مع الغدو مع البكور


عش ما بدا لك سالماً، عش ألف سنة، أو مليون سنة سالماً معافى مشافى، وما تريد من طعام وشراب فهو عندك، لكن اسمع ما يقول:

فإذا النفوس تغرغرت بزفير حشرجة الصدور


فهناك تعلم موقناً ما كنت إلا في غرور


فبكى السلطان حتى أُغمي عليه.

أول ليلة في القبر، وأنا أطالب نفسي وإياكم -يا معاشر المسلمين- أن نهيئ لنا نوراً في القبر أول ليلة، فوالله لا ينور لنا القبر إلا الإيمان والعمل الصالح، فلنقدم لنا ما يؤنسنا في القبر؛ يوم ننقطع عن الأهل والمال والولد والأصحاب.

قصة ذي البجادين



خرج صلى الله عليه وسلم إلى تبوك ، وفي ليلة من الليالي نام هو والصحابة، وكانوا في غزوةٍ في سبيل الله، قال ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: {قمت في الليل فنظرت إلى فراش الرسول عليه الصلاة والسلام فلم أجده في فراشه، فوضعت كفي على فراشه فإذا هو بارد، وذهبت إلى فراش أبي بكر فلم أجده على فراشه، فالتفت إلى فراش عمر فما وجدته -وسط الليل- قال: وإذا بنورٍ في آخر المخيم في طرف المعسكر، فذهبت إلى ذلك النور، فإذا قبرٌ محفور، والرسول عليه الصلاة والسلام قد نزل في القبر، وإذا جنازةٌ معروضة، وإذا ميتٌ قد سجي في الأكفان، وأبو بكر وعمر حول الجنازة، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول لـأبي بكر وعمر : دليا لي صاحبكما؟ فلمَّا أنزلاه، أنزله عليه الصلاة والسلام في القبر، ثم دمعت عيناه عليه الصلاة والسلام، ثم التفت إلى القبلة ورفع يديه، وقال: اللهم إني أمسيت عنه راضٍ فارضَ عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا أخوك عبد الله ذو البجادين مات في أول الليل، قال ابن مسعود : فوددت والله أني أنا الميت }. حين سمع قوله صلى الله عليه وسلم {اللهم إني أمسيت عنه راضٍ فارض عنه } وإذا رضي الله عن العبد أسعده.

وإنما هي مسائلة لمن نسي الله وأوامره وانتهك حدوده، نقول له: هل تذكرت يا أخي أول ليلة في القبر؟!


عمر بن عبد العزيز وتذكره الموت



كان عمر بن عبد العزيز أميراً من أمراء الدولة الأموية يغيِّر ثوب من ديباج في اليوم أكثر من مرة، الذهب والفضة عنده، والخدم، والقصور، والمطاعم، والمشارب، وعنده كل ما اشتهى وطلب وتمنى، ولمّا تولى الخلافة، وملك الأمة الإسلامية، انسلخ من ذلك كله؛ لأنه تذكر أول ليلة في القبر، وقف على المنبر -يوم الجمعة- فبكى وقد بايعته الأمة، وكان حوله الأمراء والوزراء، والشعراء والعلماء، وقواد الجيش، قال: [[خذوا بيعتكم، قالوا: لا نريد إلا أنت ]] فتولاها، فما مر عليه أسبوعٌ أو أقل إلا وقد هزل وضعف وتغيَّر لونه، وما عنده إلا ثوبٌ واحد، قالوا لزوجته: ما لـعمر قد تغير؟ قالت: والله لا ينام الليل، والله إنه يأوي إلى فراشي فيتقلب كأنه ينام على الجمر، ويقول: [[آه! توليت أمر أمة محمدٍ؛ يسألني يوم القيامة الفقير والمسكين والطفل والأرملة ]].

يقول له أحد العلماء: يا أمير المؤمنين! رأيناك قبل أن تتولى الملك وأنت في مكة في نعمةٍ وصحة وعافية، فما لك تغيرت؟ فبكى حتى كادت أضلاعه تختلف، ثم قال للعالم وهو ابن زياد : كيف يا ابن زياد لو رأيتني في القبر بعد ثلاثة أيام؛ يوم أجرد عن الثياب، وأوسد التراب، وأفارق الأحباب، وأترك الأصحاب، كيف لو رأيتني بعد ثلاث، والله لرأيت منظراً يسوءك. فنسأل الله حسن العمل.

والله لو عاش الفتى في عمره ألفاً من الأعوامِ مالك أمره


متلذذاً فيها بكل لذيذةٍ متنعماً فيها بسكنى قصرهِ


لا يعتريه الهم طول حياته كلا ولا ترد الهموم بصدرهِ


ما كان ذلك كله في أن يفي فيها بأول ليلةٍ في قبرهِ


والله لو عاش ألف سنة وما طرقه همٌ ولا غمٌ ولا حزن، والله لا يفي بأول ليلةٍ في القبر، ووالله لننزلنَّها جميعاً.


القبر أول منازل الآخرة



فيا عباد الله! أسأل الله لي ولكم الثبات، ماذا أعددنا لضيافة تلك الليلة، يقول رسولنا عليه الصلاة والسلام: {القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار }.

كان الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه إذا شيع جنازة بكى حتى يُغمى عليه؛ فيحملونه كالجنازة إلى بيته، قالوا: ما لك؟ قال: سمعت الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {القبر أول منازل الآخرة، فإذا نجا العبد فيه أفلح وسعد، وإذا خسر -والعياذ بالله- خسر آخرته كلها }.

والقبر روضةٌ من الجنان أو حفرة من حفر النيرانِ


إن يك خيراً فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده


وإن يكن شراً فما بعد أشدّْ ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صدّْ


أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.


التهيؤ للقبر بالعمل الصالح




الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أتيت القبور فناديتها أين المعظم والمحتقر


أتيت قبور الرؤساء والمرءوسين.. الملوك والمملوكين.. الأغنياء والفقراء، فناديتها: أين المعظم والمحتقر؟

تفانوا جميعاً فما مخبرٌ وماتوا جميعاً ومات الخبر


فيا سائلي عن أناسٍ مضوا أما لك في ما مضى معتبر


تروح وتغدو بنات الثرى فتمحو محاسن تلك الصور


أرأيت أن قبراً مُيِّز عن قبر؟! أأنزل الملك في قبرٍ من ذهبٍ أو من فضة؟! والله لقد ترك ملكه، وقصوره، وجيشه، وكل ما يملك، ولُبِّس قطعة من القماش كما نلبس، وأنزل التراب.

ولدتك أمك يابن آدم باكياً والناس حولك يضحكون سرورا


فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسرورا
......

صور من العاملين للآخرة



كثيرٌ من الناس علموا بالقبر وأول ليلةٍ فيه فأحسنوا العمل، ولذلك تجدهم متهيئين دائماً، يريدون الله والدار الآخرة، ثبتهم الله في الليل والنهار، يترقبون الموت كل طرفة عين.

خرج رجلٌ من الصالحين، وشيخٌ من المشايخ -أعرفه- من مدينة الرياض يريد العمرة بزوجته وأطفاله، وكانت زوجته صائمة قائمة ولية من أولياء الله، وفي تلك السفرة حدث شيء غريب وهو أنها ودعت أطفالها، وكتبت وصيتها، وقبَّلت أطفالها وهي تبكي؛ كأنه ألقي في خلدها أنها سوف تموت ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [الأنعام:62] ذهب واعتمر بزوجته وكان هو وإياها في بيتٍ أُسس على التقوى، إيمانٌ وقرآنٌ، وذكرٌ وصيامٌ، وقيامٌ وعبادة، لا يعرفون الغيبة ولا الفاحشة ولا المعاصي، ولما رجع قطع طريق الطائف إلى الرياض فأتى الأجل المحتوم إلى زوجته وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [الروم:6-7] ذهب إطار السيارة فانقلبت، فوقعت المرأة على رأسها، لكنها إن شاء الله شهيدة أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [الأحقاف:16] وخرج زوجها من الباب الآخر ووقف عليها، وهي في سكرات الموت، تقول: لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله، الله الله الله وتقول لزوجها: عفا الله عنك، اللقاء في الجنة، بلغ أهلي السلام وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21].

إي والله: أسأل الله أن يجمع تلك الأسرة في الجنة، وأن يجمعنا وأحبابنا وأقاربنا في الجنة.

بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا


نكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لولا تأسينا


إن كان قد عز في الدنيا اللقاء ففي مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا


عاد الرجل وحده إلى الرياض ، ودخل بيته، واستقبله الأطفال، وكان قد دفن زوجته وأتى بلا زوجة.. حياةٌ سهلةٌ وبسيطة، ولكن الموقف المرعب أن إحدى أطفاله، قامت تقول: أين أمي؟! قال: سوف تأتي، قالت: لا والله لا بد أن أرى أمي، وانهار الرجل، وقال لتلك الطفلة: سوف ترينها -بإذن الله- في جنةٍ عرضها السماوات والأرض، يعمل لها العاملون، ليست كدنيانا الحقيرة السخيفة التي يعمل لها الذين لا يريدون الله والدار الآخرة وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133].

فاعمل لدارٍ غداً رضوان خازنها الجار أحمد والرحمن بانيها


قصورها ذهبٌ والمسك طينتها والزعفران حشيشٌ نابت فيها


يا إخوتي في الله! يا شيخاً كبيراً احدودب ظهره ودنا أجله! هل أعددت لأول ليلة؟

يا شاباً متنعماً غرَّه الشباب، والمال والفراغ، هل أعددت لأول ليلة؟

إنها أول الليالي، وإنها إما أول ليلةٍ من ليالي الجنة، أو أول ليلةٍ من ليالي النار.

عباد الله: صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، وصلوا على أصحابه وترضوا، وعلى أحبابه.

أسأل الله لي ولكم الرضوان والسعادة في الدنيا والآخرة، وأسأل الله أن يصلح ولاة الأمر، وأن يهديهم سواء السبيل، وأسأل الله أن يصلح شباب الإسلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويكفر عنهم سيئاتهم، ويهيئهم بعملٍ صالحٍ لأول ليلة من ليالي القبر.

أسأل الله أن يثبتنا وإياكم بالقول الثابت، ولا يُظْلِمَ أبصارنا وبصائرنا، ولا يجعلنا قوماً انحرفوا عن منهج الله، وابتغوا معاصي الله، وغفلوا عن آيات الله؛ فعموا وصموا، وظلوا وابتعدوا.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yh20.yoo7.com
اشواق
حب مشارك
حب مشارك
اشواق


ألمشاركات : 77
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 05/11/2009

ساعة الموت والاحتضار Empty
مُساهمةموضوع: رد: ساعة الموت والاحتضار   ساعة الموت والاحتضار I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 08, 2009 8:00 pm

جزاك الله كا خير اخوي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ساعة الموت والاحتضار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 36 ساعة من الأمطار تغرق الأحياء الشعبية في بغداد
» محمد فؤاد: نجونا من الموت على يد الجزائريين في الخرطوم
» هاتف "إل جى" الجديد على هيئة ساعة يد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الحب LOVE :: «ღ»المنتديات الاسلامية«ღ» :: ღالحب الاسلاميღ-
انتقل الى: